في 24 من كانون الأول، حكمت المحكمة الجنائية في نواديبو، التي تبعد نحو 480 كيلومتراً عن نواكشوط، عاصمة موريتانيا، على الشاب محمد شيخ ولد محمد (29 عاماً) بالإعدام بتهمة الردة.
السبب هو كتابته مقالاً قصد منه الدفاع عن مصالح الطبقات الاجتماعية المظلومة في موريتانيا. اعتبرت المحكمة مقاله مسيئاً للرسول واتهمته بـ"التحدث باستخفاف عن النبي محمد".
(المقال يتضمن بعض الإشارات إلى الصراعات الاجتماعية في موريتانيا، لن يفهمها القارئ غير المتابع للشؤون الموريتانية. ولكن يبقى مهماً الإطلاع على ما كتبه ولد محمد، بغض النظر عن تقييمنا لما قاله، بخصوص تمييز الإسلام في عهد النبي بين الناس على أساس الانتماءات الاجتماعية).
فماذا كتب ولد محمد؟
لا علاقة للدين بقضيتكم أيها لمعلمين الكرام فلا أنساب في الدين ولا طبقية ولا "أمعلمين" ولا "بيظان" وهم يحزنون.
مشكلتكم إن صح ما تقولون يمكن إدراجها فيما يعرف بـ"التدين".
تلكم أطروحة جديدة وقد وجدت من بين لمعلمين أنفسهم من يدافع عنها.
حسناً.
دعونا الآن نعود للدين والتدين حتى نتبين موقع الأنساب والطبقية من الدين.
ما هو الفرق بين الدين والتدين؟
يقول الدكتور عبد المجيد النجار "إن حقيقة الدين تختلف عن حقيقة التدين؛ إذ الدين هو ذات التعاليم التي هي شرع إلهي، والتدين هو التشرع بتلك التعاليم، فهو كسب إنساني. وهذا الفارق في الحقيقة بينهما يفضي إلى فارق في الخصائص، واختلاف في الأحكام بالنسبة لكل منهما" (كتاب الأمة).
إذن: الدين هو وضع إلهي والتدين كسب بشري.
متى كان الدين ومتى كان التدين؟
مما لا شك فيه أننا إذا قسمنا الفترة الزمنية للإسلام إلى قسمين سنجد:
ـ فترة حياة محمد وهي فترة دين
ـ ما بعد محمد وهي فترة تدين
تعالوا بنا لنأخذ بعض المشاهد من عصر الدين:
الزمان: بعيد معركة بدر 624 ميلادية
المكان: يثرب
ماذا حدث؟
الأسرى من قريش في قبضة المسلمين، والحكم قد صدر بما يلي:
قال المستشار الأول لرسول الله أبو بكر الصديق: "يا رسول الله، هؤلاء بنو العم والعشيرة والإخوان، وإني أرى أن تأخذ منهم الفدية، فيكون ما أخذناه قوة لنا على الكفار، وعسى أن يهديهم الله فيكونوا لنا عضداً".
ملاحظة: من هم الكفار إذا هنا في رأي أبي بكر؟
ثم كان بعد ذلك قرار أبي بكر هو القرار النهائي مع إضافة عملية التعليم لمن لا يملك المال.
لكن مهلاً. لقد كانت هنالك حالة استثنائية فقد أرادت زينب بنت رسول الله افتداء زوجها أبي العاص بقلادة لها كانت عند خديجة، فلما رآها رسول الله رقّ لها رقّةً شديدة، وقال لأصحابه: "إن رأيتم أن تطلقوا لها أسيرها وتردوا عليها الذي لها فوافقوا على ذلك"، رواه أبو داود .
برأيكم ما هذا الاستثناء؟
الزمان: 625 ميلادية
المكان: أحد
الحدث: قتال بين المسلمين وقريش
قريش في مواجهة المسلمين انتقاما لبدر ورغبة في القضاء على محمد وأتباعه.
هند بنت عتبة تستأجر وحشي لقتل حمزة مقابل حريته ومكافأة مالية تتمثل في حليها.
هند تصل للهدف وتمثل في جثة حمزة.
وبعد سنوات عدة وأيام ما يعرف بفتح مكة دخلت هند في الإسلام لتنال اللقب الشهير "عزيزة في الكفر، عزيزة في الإسلام".
أما وحشي فأمره النبي أن يتوارى عن أنظاره عند دخوله الإسلام.
هند قرشية ووحشي حبشي وإلا فما هو سبب التمييز بينهما وهم في الجرم على الأقل سواء أو إن شئتم الدقة فهند هي المذنب الحقيقي وما ذنب عبد مأجور.
دائماً وفي نفس المعركة، أحد، ولنقارن ما حدث لـ"وحشي" مع دور شخص آخر هو خالد بن الوليد حيث أن هذا الرجل كان السبب الرئيسي في هزيمة المسلمين في أحد، وقتل عدد من المسلمين. ولكن عند دخوله الإسلام أخذ اللقب الشهير "سيف الله المسلول"، فلماذا لا يتم استقبال وحشي ويأخذ مثلاً لقب "حربة الله التي لا تخطئ الهدف"؟.
المكان: مكة
الزمان: 630 ميلادية
الحدث: فتح مكة
ما هي النتيحة؟
نال أهلُ مكة عفواً عاماً رغم أنواع الأذى التي ألحقوها بالرسول محمدٍ ودعوته، ومع قدرة الجيش الإسلامي على إبادتهم. وقد جاء إعلان العفو عنهم وهم مجتمعين قرب الكعبة ينتظرون حكم الرسول محمد فيهم، فقال: "ما تظنون أني فاعل بكم؟"، فقالوا: "خيراً أخٌ كريمٌ وابن أخٍ كريمٍ"، فقال: "لاَ تَثْرَيبَ عَلَيْكُمُ الْيَوْمَ يَغْفِرُ اللهُ لَكُمْ"، وذكر عبارة "اذهبوا فأنتم الطلقاء". وقد ترتب على هذا العفو العام حفظ الأنفس من القتل أو السبي، وإبقاء الأموال المنقولة والأراضي بيد أصحابها، وعدم فرض الخراج عليها، فلم تُعامل مكة كما عوملت المناطق الأخرى.
المكان: حصون بني قريظة
الزمان: 627 ميلادية
الحدث: إبادة بني قريظة
السبب:
1ـ تآمر رجالات من بني قريظة ضد المسلمين في حصار الخندق، هم القادة فقط إن عممنا مع العلم أن هنالك آية تقول: " ولا تزر وازرة وزر أخرى".
2ـ وقد ثبت أن النبي قال لليهود وهو مشرف على حصون بني قريظة وقد حاصرهم: "يا إخوة القردة والخنازير وعبدة الطواغيت أتشتمونني؟ قال فجعلوا يحلفون بالتوراة التي أنزلت على موسى: ما فعلنا ويقولون يا أبا القاسم ما كنت جهولاً ثم قدم رسول الله، صلى الله عليه وسلم، الرماة من أصحابه".
وقد ناداهم بذلك لشتمهم إيَّاه. (الطبري، 2/252، تحقيق الشيخ أحمد شاكر، وذكره ابن كثير، 1/207، تحقيق الوادعي).
أريد هنا قبل أن أواصل أن أشير إلى أننا في سياق الحديث عن النبي فنحن نتحدث عن ما يمكن تسميته "العقل الشامل" بدليل أنه لا ينطق عن الهوى.
ونعود للمقارنة بين الحالتين، مكة وبني قريظة:
بنو قريظة هموا بالتمالؤ، والأمر لم يحدث مع قريش من أجل القضاء على محمد ودعوته. فتم العفو العام عن قريش ونفذ الإعدام في بني قريظة سيان من هم بنقض العهد أو من لم يهم بذلك فقد تم الحكم على بني قريظة، فقتل مقاتلتهم وسبي ذراريهم، فكان يكشف عن مؤتزر المراهقين فمن أنبت منهم قتل، ومن لم ينبت جعل في الذراري (الراوي: المحدث ابن الملقن، المصدر: البدر المنير، 6/670، خلاصة حكم المحدث: صحيح مشهور).
وهذا غلام ويُدعى عطية القرظي، لم يُقتل لأن المسلمين كشفوا عن عورته ولم يجدوا شعراً (دليل البلوغ) فنجا من السيف المحمدي.
عن عطية القرظي، قال: "كنت من سبي قريظة، عرضنا على النبي، صلى الله عليه وسلم،فكانوا ينظرون، فمن أنبت الشعر قتل، ومن لم ينبت لم يقتل، فكشفوا عانتي، فوجدوها لم تنبت، فجعلوني في السبي" (عطية القرظي، المحدث: الألباني، المصدر: تخريج مشكاة المصابيح، 3901، خلاصة حكم المحدث: إسناده صحيح.
قريش واجهت المسلمين في أكثر من معركة وحاصرتهم حصاراً شديداً في الخندق وفي بدايات الدعوة انتدبت أربعين شاباً لقتل محمد ليلة الهجرة وقبل الهجرة وفي مكة قتلوا وعذبوا المسلمين أشد تعذيب وفي فتح مكة وجدوا أمامهم أخاً كريما وابن أخ كريم فقال لهم اذهبوا فأنتم الطلقاء.
بني قريظة فقط هموا بالتحالف مع المشركين فكان جزاءهم القتل الجماعي.
أين راحت الرحمة؟
أم أن للأخوة و"أَتْبَنْعِيمَه" دورها في "العقل الشامل/ المطلق".
وكخلاصة:
إذا كان مفهوم "بنو العم والعشيرة والإخوان" يجعل أبا بكر يحجم عن قتل المشركين؛
وعلاقة الأبوة بين زينب والرسول تمنحها إطلاق سراح زوجها مجاناً؛
والانتماء القرشي يعطي ألقاب البطولات للقرشيين ويمنعها عن الحبشيين؛
والأخوة وعلاقة الدم والقربى تمنح حق الرحمة لقريش في الفتح وتحرم بني قريظة من ذلك الحق؛
وكل هذه الأمور تتم في عصر الدين فما بالك بعصر التدين؛
إخوتي
أريد فقط أن أصل معكم، وأخاطب لمعلمين أساساً، أن محاولة التفريق بين روح الدين وواقع التدين هي محاولات "طيبة لكنها لا تنافس" فالحقائق لا يمكن طمسها، وهذا الشبل/ البيظاني من ذاك الأسد.
وأن الذي يعاني يجب أن يكون صريحاً مع ذاته في سبب معاناته مهما كان السبب، إذا كان الدين يلعب دوراً فلنقلها بأعلى صوت: يلعب الدين ورجال الدين وكتب الدين أدوارهم في كل القضايا الاجتماعية من: قضايا لحراطين ولمعلمين وإيكاون الذين لا زالوا صامتين رغم أن الدين يقر بأن مأكلهم حرام ومشربهم حرام وعملهم حرام.
السبب هو كتابته مقالاً قصد منه الدفاع عن مصالح الطبقات الاجتماعية المظلومة في موريتانيا. اعتبرت المحكمة مقاله مسيئاً للرسول واتهمته بـ"التحدث باستخفاف عن النبي محمد".
(المقال يتضمن بعض الإشارات إلى الصراعات الاجتماعية في موريتانيا، لن يفهمها القارئ غير المتابع للشؤون الموريتانية. ولكن يبقى مهماً الإطلاع على ما كتبه ولد محمد، بغض النظر عن تقييمنا لما قاله، بخصوص تمييز الإسلام في عهد النبي بين الناس على أساس الانتماءات الاجتماعية).
فماذا كتب ولد محمد؟
الدين والتدين و"لمعلمين"
لا علاقة للدين بقضيتكم أيها لمعلمين الكرام فلا أنساب في الدين ولا طبقية ولا "أمعلمين" ولا "بيظان" وهم يحزنون.
مشكلتكم إن صح ما تقولون يمكن إدراجها فيما يعرف بـ"التدين".
تلكم أطروحة جديدة وقد وجدت من بين لمعلمين أنفسهم من يدافع عنها.
حسناً.
دعونا الآن نعود للدين والتدين حتى نتبين موقع الأنساب والطبقية من الدين.
ما هو الفرق بين الدين والتدين؟
يقول الدكتور عبد المجيد النجار "إن حقيقة الدين تختلف عن حقيقة التدين؛ إذ الدين هو ذات التعاليم التي هي شرع إلهي، والتدين هو التشرع بتلك التعاليم، فهو كسب إنساني. وهذا الفارق في الحقيقة بينهما يفضي إلى فارق في الخصائص، واختلاف في الأحكام بالنسبة لكل منهما" (كتاب الأمة).
إذن: الدين هو وضع إلهي والتدين كسب بشري.
متى كان الدين ومتى كان التدين؟
مما لا شك فيه أننا إذا قسمنا الفترة الزمنية للإسلام إلى قسمين سنجد:
ـ فترة حياة محمد وهي فترة دين
ـ ما بعد محمد وهي فترة تدين
تعالوا بنا لنأخذ بعض المشاهد من عصر الدين:
الزمان: بعيد معركة بدر 624 ميلادية
المكان: يثرب
ماذا حدث؟
الأسرى من قريش في قبضة المسلمين، والحكم قد صدر بما يلي:
قال المستشار الأول لرسول الله أبو بكر الصديق: "يا رسول الله، هؤلاء بنو العم والعشيرة والإخوان، وإني أرى أن تأخذ منهم الفدية، فيكون ما أخذناه قوة لنا على الكفار، وعسى أن يهديهم الله فيكونوا لنا عضداً".
ملاحظة: من هم الكفار إذا هنا في رأي أبي بكر؟
ثم كان بعد ذلك قرار أبي بكر هو القرار النهائي مع إضافة عملية التعليم لمن لا يملك المال.
لكن مهلاً. لقد كانت هنالك حالة استثنائية فقد أرادت زينب بنت رسول الله افتداء زوجها أبي العاص بقلادة لها كانت عند خديجة، فلما رآها رسول الله رقّ لها رقّةً شديدة، وقال لأصحابه: "إن رأيتم أن تطلقوا لها أسيرها وتردوا عليها الذي لها فوافقوا على ذلك"، رواه أبو داود .
برأيكم ما هذا الاستثناء؟
الزمان: 625 ميلادية
المكان: أحد
الحدث: قتال بين المسلمين وقريش
قريش في مواجهة المسلمين انتقاما لبدر ورغبة في القضاء على محمد وأتباعه.
هند بنت عتبة تستأجر وحشي لقتل حمزة مقابل حريته ومكافأة مالية تتمثل في حليها.
هند تصل للهدف وتمثل في جثة حمزة.
وبعد سنوات عدة وأيام ما يعرف بفتح مكة دخلت هند في الإسلام لتنال اللقب الشهير "عزيزة في الكفر، عزيزة في الإسلام".
أما وحشي فأمره النبي أن يتوارى عن أنظاره عند دخوله الإسلام.
هند قرشية ووحشي حبشي وإلا فما هو سبب التمييز بينهما وهم في الجرم على الأقل سواء أو إن شئتم الدقة فهند هي المذنب الحقيقي وما ذنب عبد مأجور.
دائماً وفي نفس المعركة، أحد، ولنقارن ما حدث لـ"وحشي" مع دور شخص آخر هو خالد بن الوليد حيث أن هذا الرجل كان السبب الرئيسي في هزيمة المسلمين في أحد، وقتل عدد من المسلمين. ولكن عند دخوله الإسلام أخذ اللقب الشهير "سيف الله المسلول"، فلماذا لا يتم استقبال وحشي ويأخذ مثلاً لقب "حربة الله التي لا تخطئ الهدف"؟.
المكان: مكة
الزمان: 630 ميلادية
الحدث: فتح مكة
ما هي النتيحة؟
نال أهلُ مكة عفواً عاماً رغم أنواع الأذى التي ألحقوها بالرسول محمدٍ ودعوته، ومع قدرة الجيش الإسلامي على إبادتهم. وقد جاء إعلان العفو عنهم وهم مجتمعين قرب الكعبة ينتظرون حكم الرسول محمد فيهم، فقال: "ما تظنون أني فاعل بكم؟"، فقالوا: "خيراً أخٌ كريمٌ وابن أخٍ كريمٍ"، فقال: "لاَ تَثْرَيبَ عَلَيْكُمُ الْيَوْمَ يَغْفِرُ اللهُ لَكُمْ"، وذكر عبارة "اذهبوا فأنتم الطلقاء". وقد ترتب على هذا العفو العام حفظ الأنفس من القتل أو السبي، وإبقاء الأموال المنقولة والأراضي بيد أصحابها، وعدم فرض الخراج عليها، فلم تُعامل مكة كما عوملت المناطق الأخرى.
المكان: حصون بني قريظة
الزمان: 627 ميلادية
الحدث: إبادة بني قريظة
السبب:
1ـ تآمر رجالات من بني قريظة ضد المسلمين في حصار الخندق، هم القادة فقط إن عممنا مع العلم أن هنالك آية تقول: " ولا تزر وازرة وزر أخرى".
2ـ وقد ثبت أن النبي قال لليهود وهو مشرف على حصون بني قريظة وقد حاصرهم: "يا إخوة القردة والخنازير وعبدة الطواغيت أتشتمونني؟ قال فجعلوا يحلفون بالتوراة التي أنزلت على موسى: ما فعلنا ويقولون يا أبا القاسم ما كنت جهولاً ثم قدم رسول الله، صلى الله عليه وسلم، الرماة من أصحابه".
وقد ناداهم بذلك لشتمهم إيَّاه. (الطبري، 2/252، تحقيق الشيخ أحمد شاكر، وذكره ابن كثير، 1/207، تحقيق الوادعي).
أريد هنا قبل أن أواصل أن أشير إلى أننا في سياق الحديث عن النبي فنحن نتحدث عن ما يمكن تسميته "العقل الشامل" بدليل أنه لا ينطق عن الهوى.
ونعود للمقارنة بين الحالتين، مكة وبني قريظة:
بنو قريظة هموا بالتمالؤ، والأمر لم يحدث مع قريش من أجل القضاء على محمد ودعوته. فتم العفو العام عن قريش ونفذ الإعدام في بني قريظة سيان من هم بنقض العهد أو من لم يهم بذلك فقد تم الحكم على بني قريظة، فقتل مقاتلتهم وسبي ذراريهم، فكان يكشف عن مؤتزر المراهقين فمن أنبت منهم قتل، ومن لم ينبت جعل في الذراري (الراوي: المحدث ابن الملقن، المصدر: البدر المنير، 6/670، خلاصة حكم المحدث: صحيح مشهور).
وهذا غلام ويُدعى عطية القرظي، لم يُقتل لأن المسلمين كشفوا عن عورته ولم يجدوا شعراً (دليل البلوغ) فنجا من السيف المحمدي.
عن عطية القرظي، قال: "كنت من سبي قريظة، عرضنا على النبي، صلى الله عليه وسلم،فكانوا ينظرون، فمن أنبت الشعر قتل، ومن لم ينبت لم يقتل، فكشفوا عانتي، فوجدوها لم تنبت، فجعلوني في السبي" (عطية القرظي، المحدث: الألباني، المصدر: تخريج مشكاة المصابيح، 3901، خلاصة حكم المحدث: إسناده صحيح.
قريش واجهت المسلمين في أكثر من معركة وحاصرتهم حصاراً شديداً في الخندق وفي بدايات الدعوة انتدبت أربعين شاباً لقتل محمد ليلة الهجرة وقبل الهجرة وفي مكة قتلوا وعذبوا المسلمين أشد تعذيب وفي فتح مكة وجدوا أمامهم أخاً كريما وابن أخ كريم فقال لهم اذهبوا فأنتم الطلقاء.
بني قريظة فقط هموا بالتحالف مع المشركين فكان جزاءهم القتل الجماعي.
أين راحت الرحمة؟
أم أن للأخوة و"أَتْبَنْعِيمَه" دورها في "العقل الشامل/ المطلق".
وكخلاصة:
إذا كان مفهوم "بنو العم والعشيرة والإخوان" يجعل أبا بكر يحجم عن قتل المشركين؛
وعلاقة الأبوة بين زينب والرسول تمنحها إطلاق سراح زوجها مجاناً؛
والانتماء القرشي يعطي ألقاب البطولات للقرشيين ويمنعها عن الحبشيين؛
والأخوة وعلاقة الدم والقربى تمنح حق الرحمة لقريش في الفتح وتحرم بني قريظة من ذلك الحق؛
وكل هذه الأمور تتم في عصر الدين فما بالك بعصر التدين؛
إخوتي
أريد فقط أن أصل معكم، وأخاطب لمعلمين أساساً، أن محاولة التفريق بين روح الدين وواقع التدين هي محاولات "طيبة لكنها لا تنافس" فالحقائق لا يمكن طمسها، وهذا الشبل/ البيظاني من ذاك الأسد.
وأن الذي يعاني يجب أن يكون صريحاً مع ذاته في سبب معاناته مهما كان السبب، إذا كان الدين يلعب دوراً فلنقلها بأعلى صوت: يلعب الدين ورجال الدين وكتب الدين أدوارهم في كل القضايا الاجتماعية من: قضايا لحراطين ولمعلمين وإيكاون الذين لا زالوا صامتين رغم أن الدين يقر بأن مأكلهم حرام ومشربهم حرام وعملهم حرام.