في سوريا، تختلف النظرة إلى الواقع السوري وإلى الثورة السورية تبعاً لتتعدّد الإنتماءات الإجتماعية. الأكراد السوريون ليسوا حالة شاذة عن هذه القاعدة. عين على سقوط النظام وعين أخرى على حراك المعارضة السورية، يبنون قدراتهم في ظل تباينات على الساحة الكردية تُجمع جميعها بأن كل الطرق يجب أن تؤدي إلى الفدرالية.
يرفض السوريون الأكراد المعارضون كل حديث لا يبدأ من الاعتراف بأنهم كانوا منذ البداية جزءً لا ينفصل عن نسيج الثورة السورية ولا يزالون. يؤكدون بفخر، مرة تلو الأخرى أن مناطقهم التي يُنتقدون لأنها ما زالت "آمنة" تحتضن مئات آلاف اللاجئين العرب. أحداث القامشلي عام 2004 تؤكد، بحسب المعارض الكردي المستقل والكاتب جكو اسماعيل محمد، أن "الربيع الكردي سبق الربيع العربي بسبع سنوات".
الخارطة السياسية للأكراد
تتصدر الساحة السياسية في مناطق انتشار الأكراد "الهيئة الكردية العليا" التي تشكلت في مؤتمر أربيل وتضم حزب الإتحاد الديمقراطي الكردي (ب.ي.د) والمجلس الوطني الكردي وتنظيمات أصغر حجماً تدور في فلك توافق الأكراد في أربيل.
منذ ما قبل اندلاع الثورة السورية، كان ب.ي.د، أكبر الأحزاب الكردية وأكثرها تنظيماً، يعمل على تشكيل مجالس حكم محلية كردية. اندلاع الثورة السورية ساعده على تحقيق طموحه على أرض الواقع. وجاء انسحاب المجلس الوطني الكردي من المجلس الوطني السوري ثم انعقاد مؤتمر أربيل، في تموز 2012، ليضفي على خططه طابع الإجماع الكردي. أهم بنود اتفاق أربيل تمثل بتقاسم الإدارة في المنطقة الكردية مناصفة بين ب.ي.د والمجلس الوطني الكردي وبتشكيل "وحدات الحماية الشعبية" ومهمتها حماية المناطق الكردية من اعتداءات أي طرف كان. ب.ي.د وعساكره العائدون من جبال قنديل في تركيا هيمنوا على هذه الوحدات.
تنشط التنسيقيات الشبابية الكردية في مناطق انتشار الأكراد. هي متمثلة في المجلس الوطني الكردي ولكنها نشأت بعيداً عن السياسة الكردية التقليدية. شباب التنسيقيات "تعبوا من الإلتزام بالأوامر الحزبية ومن التحرك دون حرية"، يشرح الناشط في اتحاد تنسيقيات شباب الكُرد هافال.
تختلف التسميات ولكن الأكراد السوريين الذين تراجعوا بواقعية عن "الحلم الكبير" بكردستان لا يقبلون بأقل من سوريا فدرالية. "تجربة الأكراد منذ ما قبل انهيار السلطنة العثمانية ولّدت لديهم مخاوف قوية لا يمكن لأي حكم مركزي أن يعالجها"، يقول عضو اتحاد شباب تنسيقيات الكُرد كادار بيري. هذا الشيوعي السابق بات مقتنعاً بأنه لا يمكن تجاوز "عطش الأكراد إلى حكم أنفسهم ذاتياً". التنسيقيات نفسها، كان في صلب نشأتها شعور شبابي بالامتعاض من "الانتقاص في حقوق الأكراد" لعدم قيام ب. ي.د، في البدايات، بالمطالبة بالفدرالية واكتفائه بالمطالبة بإدارة ذاتية، يقول هافال.
الإلتفاف الكردي حول "الهيئة الكردية العليا" مصدره الشعور القومي الكردي والقلق من المستقبل. "الأكراد ملتفون حالياً حول ب.ي.د لأننا ملتزمون بمساندة بعضنا البعض كأكراد"، يشرح هافال. ولكن المجتمع الكردي يشهد حراكه الخاص الذي يصل إلى حد مطالبة هذا الشاب بـ"ربيع كردي بعد الربيع العربي". هو أيضاً يلوم ب.ي.د "لأن أفراده عادوا إلى سوريا بأجندة حزبية لا بأجندة وطنية كردية أو سورية. يتصرفون على أساس أن الشعب في خدمة الحزب لا على أساس أن الحزب في خدمة الشعب". ب.ي.د، بحسب جكو، يمارس الهيمنة على الأكراد ويضيّق على كل نشاط كردي مستقل ومن واقع هيمنته تُطرح تساؤلات حول كيفية اغتيال معارضين أكراد بارزين في المناطق الكردية.
بعض الأكراد المعارضين، ككادار، يطالبون "بمشاركة كردية أكثر فعالية في الجانب العسكري للثورة السورية". هو مطلب يتعارض مع الميل الكردي العام. "أي خطاب كردي يطالب بعسكرة الحراك في غربي كردستان سيكون خطاباً منبوذاً من الأكراد السوريين لأن نتائج الإنخراط في الجانب العسكري من الثورة سيرتد سلباً على كل الشعب الكردي وكذلك على اللاجئين العرب في مناطقنا"، يقول هافال جازماً. ينزع جكو قناع الدبلوماسية ويؤكد أن "الثورة السلمية تخدمني أكثر ككردي. أنا أقلية في الوطن السوري وهذا يعني أنني الحلقة الأضعف".
الأكراد ينظرون بإيجابية إلى عمل ناشطي التنسيقيات ولكن، في الوقت عينه، "يعتبرونهم غير ناضجين سياسياً لتمثيل الشعب الكردي في المستقبل"، يوضح جكو.
عين الأكراد على المعارضة
المعارضة السياسية بالنسبة للأكراد هي المجلس الوطني السوري فقط لا غير. ولكنهم يُجمعون على الخشية من مواقف صدرت عن بعض أعضاء المجلس. كلّهم يسجلون في ذاكرتهم مقارنة برهان غليون، الرئيس السابق للمجلس الوطني، بين الأكراد السوريين والمغاربة في فرنسا نازعاً عنهم الأصالة في الإنتماء للوطن. كلّهم يسجّلون في ذاكرتهم رفض المجلس الوطني السوري تسمية سوريا بالجمهورية السورية وخضوعه لاقتراح تسميتها بالجمهورية العربية السورية ما أدى إلى انسحاب المجلس الوطني الكردي من المجلس. كلّهم يسجّلون في ذاكرتهم تصريحات تدعي بأن عددهم في سوريا لا يتجاوز الخمسمئة ألف فيما هم أربعة ملايين.
المجلس الوطني السوري "خطابه مفرّغ" كما أنه "لم يحترم حرمتنا كأكراد"، يقول جكو. "كيف نخطط لبناء دولة ديمقراطية ونسميها باسم جزء معيّن من الشعب السوري؟" يتساءل هافال. رفض جكو الذهاب إلى اجتماعات للمعارضة في اسطمبول. "لا أستطيع احتمال رفرفة العلم التركي فوق رأسي"، يقول. أما هافال فيرد خلافه مع المجلس الوطني السوري إلى أن "بعض أعضائه ينفذون أجندات خارجية دون اعتبار للشعب السوري الثائر الذي دفع، حتى الآن، أكثر من 40 ألف شهيد". سهام النقد تطال ثقل الإخوان المسلمين في المجلس. "فكر الإخوان شوفيني ولا يمكن الحوار مع الفكر الديني"، يقول جكو.
يلخّص كادار هذه الملاحظات المتضمنة ريبة الأكراد. يتساءل عن "السبب الذي دفع المجلس الوطني السوري إلى تحديد موقفه من مختلف قضايا سوريا ما بعد البعث دون تحديد موقفه من المطالب الكردية". هو يعزو السبب في هذا التقصير إلى تأثير تركيا والإخوان المسلمين على عمل المجلس الوطني السوري.
الأكراد ينظرون بخشية أيضاً إلى عمل الجيش السوري الحر. لحظة تسليم المخابرات التركية القائد المنشق حسين هرموش إلى المخابرات السورية هي لحظة مفصلية في روايتهم لقصة هذا الجيش والتي تتضمن اتهام تركيا بالتواطؤ مع النظام السوري على الأكراد. ولكن عند الحديث عن بعض تصرفاته يحرصون على نقده دون نزع الشرعية عنه. كادار ينتقد سلوكه تجاه المناطق الكردية في الأشرفية في حلب وفي عفرين ولكنه يبرر ما حصل بأن "الجيش السوري الحر هو تشكيل ولدته أحداث متسارعة وليسوا خريجي أكاديميات عسكرية". ورغم أن كتيبة صلاح الدين التي تضم أكراداً بين عناصرها هي من اقتحمت حي الأشرفية، إلا أن جكو يعتبر أنها لم تخن الكرد ويقول: "هي بصمتنا في الثورة السورية، هي جواز سفر الأكراد إلى سوريا ما بعد انتصار الثورة". في كل الحالات، كان لاقتحام حي الأشرفية مفاعيل سلبية كثيرة على الرأي العام الكردي. "شعر الأكراد بالغبن والخيانة. ليس هكذا يكافأ مَن دفع إلى الآن 3500 شهيد في سبيل الثورة"، يشرح جكو الشعور الكردي بصيغة الـ"نحن".
الأكراد ومستقبل سوريا
ماذا بعد انتصار الثورة؟ كل الأجوبة تتمحور حول الحلّ الفدرالي المطلوب. هافال هو إبن البيئة الحلبية المختلطة قومياً. العامل الرئيسي لتحرّك الشعور القومي لديه كان التمييز الذي خبره في الجيش كمجنّد. الآن، يرى هافال أن "الحد الأدنى المقبول وهو أيضاً الحلّ الوحيد يتمثّل بالفدرالية". وإذا رفض العرب هذا المطلب؟ "رفض العرب لهذا المطلب الكردي سيؤدي إلى توتر العلاقات بينهم وبين الأكراد وربما إلى صدام مسلّح. أنا مع تحقيق الحق الكردي حتى لو بمساعدة الشيطان"، يجيب جكو بصراحة إلى حقيقة يحاول البعض الدوران حولها.
المستقبل ضبابي يؤكد كادار. ولكن لم تعد ممكنة العودة الى الوراء. الحكم الذاتي الكردي صار أمراً واقعاً. حققه الـ"ب.ي.د". إذن لماذا يعارض سياساته؟ يقول كادار ان سياسته كانت لتولد آثاراً شديدة السلبية لو حسم نظام البعث المعارك الميدانية في سوريا لصالحه، أي لو أن النظام أجهض الثورة.
تسير الثورة السورية ويسير معها أمل الأكراد الممزوج بريبة يولّدها واقعهم كأقلية في سوريا. "لو شارك الأكراد عسكرياً في الثورة لكانوا قالوا أن الأكراد يتحركون لأنهم يريدون الإنفصال"، يقول جكو مشيراً إلى النيات السيئة المبيّتة تجاه الأكراد.
ولكن الأكراد لم ييأسوا من تحقيق إنجاز الثورة ديمقراطية سورية. "الأمل كبير بالشباب السوري الثائر الذي ينادي بالديمقراطية"، يقول هافال.
(نشرتها على موقع ناوليبانون في 16 تشرين الثاني 2012)
يرفض السوريون الأكراد المعارضون كل حديث لا يبدأ من الاعتراف بأنهم كانوا منذ البداية جزءً لا ينفصل عن نسيج الثورة السورية ولا يزالون. يؤكدون بفخر، مرة تلو الأخرى أن مناطقهم التي يُنتقدون لأنها ما زالت "آمنة" تحتضن مئات آلاف اللاجئين العرب. أحداث القامشلي عام 2004 تؤكد، بحسب المعارض الكردي المستقل والكاتب جكو اسماعيل محمد، أن "الربيع الكردي سبق الربيع العربي بسبع سنوات".
الخارطة السياسية للأكراد
تتصدر الساحة السياسية في مناطق انتشار الأكراد "الهيئة الكردية العليا" التي تشكلت في مؤتمر أربيل وتضم حزب الإتحاد الديمقراطي الكردي (ب.ي.د) والمجلس الوطني الكردي وتنظيمات أصغر حجماً تدور في فلك توافق الأكراد في أربيل.
منذ ما قبل اندلاع الثورة السورية، كان ب.ي.د، أكبر الأحزاب الكردية وأكثرها تنظيماً، يعمل على تشكيل مجالس حكم محلية كردية. اندلاع الثورة السورية ساعده على تحقيق طموحه على أرض الواقع. وجاء انسحاب المجلس الوطني الكردي من المجلس الوطني السوري ثم انعقاد مؤتمر أربيل، في تموز 2012، ليضفي على خططه طابع الإجماع الكردي. أهم بنود اتفاق أربيل تمثل بتقاسم الإدارة في المنطقة الكردية مناصفة بين ب.ي.د والمجلس الوطني الكردي وبتشكيل "وحدات الحماية الشعبية" ومهمتها حماية المناطق الكردية من اعتداءات أي طرف كان. ب.ي.د وعساكره العائدون من جبال قنديل في تركيا هيمنوا على هذه الوحدات.
تنشط التنسيقيات الشبابية الكردية في مناطق انتشار الأكراد. هي متمثلة في المجلس الوطني الكردي ولكنها نشأت بعيداً عن السياسة الكردية التقليدية. شباب التنسيقيات "تعبوا من الإلتزام بالأوامر الحزبية ومن التحرك دون حرية"، يشرح الناشط في اتحاد تنسيقيات شباب الكُرد هافال.
تختلف التسميات ولكن الأكراد السوريين الذين تراجعوا بواقعية عن "الحلم الكبير" بكردستان لا يقبلون بأقل من سوريا فدرالية. "تجربة الأكراد منذ ما قبل انهيار السلطنة العثمانية ولّدت لديهم مخاوف قوية لا يمكن لأي حكم مركزي أن يعالجها"، يقول عضو اتحاد شباب تنسيقيات الكُرد كادار بيري. هذا الشيوعي السابق بات مقتنعاً بأنه لا يمكن تجاوز "عطش الأكراد إلى حكم أنفسهم ذاتياً". التنسيقيات نفسها، كان في صلب نشأتها شعور شبابي بالامتعاض من "الانتقاص في حقوق الأكراد" لعدم قيام ب. ي.د، في البدايات، بالمطالبة بالفدرالية واكتفائه بالمطالبة بإدارة ذاتية، يقول هافال.
الإلتفاف الكردي حول "الهيئة الكردية العليا" مصدره الشعور القومي الكردي والقلق من المستقبل. "الأكراد ملتفون حالياً حول ب.ي.د لأننا ملتزمون بمساندة بعضنا البعض كأكراد"، يشرح هافال. ولكن المجتمع الكردي يشهد حراكه الخاص الذي يصل إلى حد مطالبة هذا الشاب بـ"ربيع كردي بعد الربيع العربي". هو أيضاً يلوم ب.ي.د "لأن أفراده عادوا إلى سوريا بأجندة حزبية لا بأجندة وطنية كردية أو سورية. يتصرفون على أساس أن الشعب في خدمة الحزب لا على أساس أن الحزب في خدمة الشعب". ب.ي.د، بحسب جكو، يمارس الهيمنة على الأكراد ويضيّق على كل نشاط كردي مستقل ومن واقع هيمنته تُطرح تساؤلات حول كيفية اغتيال معارضين أكراد بارزين في المناطق الكردية.
بعض الأكراد المعارضين، ككادار، يطالبون "بمشاركة كردية أكثر فعالية في الجانب العسكري للثورة السورية". هو مطلب يتعارض مع الميل الكردي العام. "أي خطاب كردي يطالب بعسكرة الحراك في غربي كردستان سيكون خطاباً منبوذاً من الأكراد السوريين لأن نتائج الإنخراط في الجانب العسكري من الثورة سيرتد سلباً على كل الشعب الكردي وكذلك على اللاجئين العرب في مناطقنا"، يقول هافال جازماً. ينزع جكو قناع الدبلوماسية ويؤكد أن "الثورة السلمية تخدمني أكثر ككردي. أنا أقلية في الوطن السوري وهذا يعني أنني الحلقة الأضعف".
الأكراد ينظرون بإيجابية إلى عمل ناشطي التنسيقيات ولكن، في الوقت عينه، "يعتبرونهم غير ناضجين سياسياً لتمثيل الشعب الكردي في المستقبل"، يوضح جكو.
عين الأكراد على المعارضة
المعارضة السياسية بالنسبة للأكراد هي المجلس الوطني السوري فقط لا غير. ولكنهم يُجمعون على الخشية من مواقف صدرت عن بعض أعضاء المجلس. كلّهم يسجلون في ذاكرتهم مقارنة برهان غليون، الرئيس السابق للمجلس الوطني، بين الأكراد السوريين والمغاربة في فرنسا نازعاً عنهم الأصالة في الإنتماء للوطن. كلّهم يسجّلون في ذاكرتهم رفض المجلس الوطني السوري تسمية سوريا بالجمهورية السورية وخضوعه لاقتراح تسميتها بالجمهورية العربية السورية ما أدى إلى انسحاب المجلس الوطني الكردي من المجلس. كلّهم يسجّلون في ذاكرتهم تصريحات تدعي بأن عددهم في سوريا لا يتجاوز الخمسمئة ألف فيما هم أربعة ملايين.
المجلس الوطني السوري "خطابه مفرّغ" كما أنه "لم يحترم حرمتنا كأكراد"، يقول جكو. "كيف نخطط لبناء دولة ديمقراطية ونسميها باسم جزء معيّن من الشعب السوري؟" يتساءل هافال. رفض جكو الذهاب إلى اجتماعات للمعارضة في اسطمبول. "لا أستطيع احتمال رفرفة العلم التركي فوق رأسي"، يقول. أما هافال فيرد خلافه مع المجلس الوطني السوري إلى أن "بعض أعضائه ينفذون أجندات خارجية دون اعتبار للشعب السوري الثائر الذي دفع، حتى الآن، أكثر من 40 ألف شهيد". سهام النقد تطال ثقل الإخوان المسلمين في المجلس. "فكر الإخوان شوفيني ولا يمكن الحوار مع الفكر الديني"، يقول جكو.
يلخّص كادار هذه الملاحظات المتضمنة ريبة الأكراد. يتساءل عن "السبب الذي دفع المجلس الوطني السوري إلى تحديد موقفه من مختلف قضايا سوريا ما بعد البعث دون تحديد موقفه من المطالب الكردية". هو يعزو السبب في هذا التقصير إلى تأثير تركيا والإخوان المسلمين على عمل المجلس الوطني السوري.
الأكراد ينظرون بخشية أيضاً إلى عمل الجيش السوري الحر. لحظة تسليم المخابرات التركية القائد المنشق حسين هرموش إلى المخابرات السورية هي لحظة مفصلية في روايتهم لقصة هذا الجيش والتي تتضمن اتهام تركيا بالتواطؤ مع النظام السوري على الأكراد. ولكن عند الحديث عن بعض تصرفاته يحرصون على نقده دون نزع الشرعية عنه. كادار ينتقد سلوكه تجاه المناطق الكردية في الأشرفية في حلب وفي عفرين ولكنه يبرر ما حصل بأن "الجيش السوري الحر هو تشكيل ولدته أحداث متسارعة وليسوا خريجي أكاديميات عسكرية". ورغم أن كتيبة صلاح الدين التي تضم أكراداً بين عناصرها هي من اقتحمت حي الأشرفية، إلا أن جكو يعتبر أنها لم تخن الكرد ويقول: "هي بصمتنا في الثورة السورية، هي جواز سفر الأكراد إلى سوريا ما بعد انتصار الثورة". في كل الحالات، كان لاقتحام حي الأشرفية مفاعيل سلبية كثيرة على الرأي العام الكردي. "شعر الأكراد بالغبن والخيانة. ليس هكذا يكافأ مَن دفع إلى الآن 3500 شهيد في سبيل الثورة"، يشرح جكو الشعور الكردي بصيغة الـ"نحن".
الأكراد ومستقبل سوريا
ماذا بعد انتصار الثورة؟ كل الأجوبة تتمحور حول الحلّ الفدرالي المطلوب. هافال هو إبن البيئة الحلبية المختلطة قومياً. العامل الرئيسي لتحرّك الشعور القومي لديه كان التمييز الذي خبره في الجيش كمجنّد. الآن، يرى هافال أن "الحد الأدنى المقبول وهو أيضاً الحلّ الوحيد يتمثّل بالفدرالية". وإذا رفض العرب هذا المطلب؟ "رفض العرب لهذا المطلب الكردي سيؤدي إلى توتر العلاقات بينهم وبين الأكراد وربما إلى صدام مسلّح. أنا مع تحقيق الحق الكردي حتى لو بمساعدة الشيطان"، يجيب جكو بصراحة إلى حقيقة يحاول البعض الدوران حولها.
المستقبل ضبابي يؤكد كادار. ولكن لم تعد ممكنة العودة الى الوراء. الحكم الذاتي الكردي صار أمراً واقعاً. حققه الـ"ب.ي.د". إذن لماذا يعارض سياساته؟ يقول كادار ان سياسته كانت لتولد آثاراً شديدة السلبية لو حسم نظام البعث المعارك الميدانية في سوريا لصالحه، أي لو أن النظام أجهض الثورة.
تسير الثورة السورية ويسير معها أمل الأكراد الممزوج بريبة يولّدها واقعهم كأقلية في سوريا. "لو شارك الأكراد عسكرياً في الثورة لكانوا قالوا أن الأكراد يتحركون لأنهم يريدون الإنفصال"، يقول جكو مشيراً إلى النيات السيئة المبيّتة تجاه الأكراد.
ولكن الأكراد لم ييأسوا من تحقيق إنجاز الثورة ديمقراطية سورية. "الأمل كبير بالشباب السوري الثائر الذي ينادي بالديمقراطية"، يقول هافال.
(نشرتها على موقع ناوليبانون في 16 تشرين الثاني 2012)
ليست هناك تعليقات :
إرسال تعليق