صورة المدونة

صورة المدونة

الأربعاء، 29 أغسطس 2012

يوم الوطن المفقود

غداً يصادف الثلاثين من آب. غداً هو اليوم العالمي للمفقودين. لبنان واللبنانيون معنيون بشكل مباشر بهذه المناسبة. ليس فقط لأن في لبنان ملف يراوح مكانه منذ أكثر من عقدين هو ملف المفقودين اللبنانيين خلال الحرب اللبنانية الأهلية. ليس فقط لهذا بل لأن مراوحة هذا الملف تؤكد أن المفقود الحقيقي هو الدولة اللبنانية. الدولة اللبنانية هي المفقود.

مع انتهاء الحرب اللبنانية الأهلية، رسمياً، بتوقيع اتفاق الطائف وما تلاه حتى إسقاط الجنرال عون كان على "الدولة" أن تنتهج سياسات تعالج المواطنين اللبنانيين مما أصابهم خلال 15 سنة من التقاتل. لم تقم "الدولة" الوليدة بأي شيء وهذا موضوع آخر.

بقي ملف المفقودين اللبنانيين خلال الحرب الأهلية بلا أيّة معالجة. في لبنان اسرائيل خطفت لبنانيين وسوريا خطفت لبنانيين والمنظمات الفلسطينية خطفت لبنانيين وأجهزة الاستخبارات العاملة في لبنان خطفت لبنانيين واللبنانيون وميليشياتهم خطفوا لبنانيين وإليهم يعود النصيب الأكبر في المأساة. الكلّ يتجرأ على الحديث عن دور اسرائيل في المأساة. أما باقي المفقودين فالحديث عنهم موسمي ومسيّس ما يدل على أن اللبنانيين الذين يتعاطون في الملف لهم اعتبارات تتجاوز حقوق الإنسان، أو على الأقل لنقل أن الظرف السياسي هو الذي يوقظهم على مفهوم حقوق الإنسان.

كثيرة هي تعقيدات ملف المفقودين اللبنانيين. كثيرة ومؤلمة. مثلاً نقول أن عددهم هو 17000 ولكننا في الحقيقة نكذب لأننا لا نعرف الرقم. الرقم 17000 هو رقم وهمي يضاف إلى تواريخ وهمية نؤرخ بها لحياتنا الوهمية. كل ما استطاع العاملون على هذا الملف توثيقة لا يتعدى بضع آلاف من الأسماء. وكلّ من يعمل على الملف يعمل بشكل منفرد ويرفض التعاون مع الآخرين. ما يمتلكه من معلومات لا يشارك به الآخرين لأنه رصيده في "مهنة حقوق الإنسان".

بالأمس طلبت "اللجنة الدولية للصليب الأحمر" من الأسر التي لديها أشخاص فقدوا خلال النزاعات المسلّحة في لبنان الاتصال ببعثتها من أجل تقديم معلومات عن أقاربهم المفقودين كجزء من مشروع لجمع البيانات السابقة على الاختفاء. كل فترة نعود إلى نقطة الصفر. هل هذا معقول.

ليس هذا الأهم. الأهم هو كيف نطلب من "دولة" لا تستطيع وقف عمليات الخطف أن تعالج ملف المفقودين اللبنانيين. هل نسينا المهندس جوزيف صادر المفقود منذ سنوات عدّة؟ هل نسينا المعارض السوري شبلي العيسمي؟وموجة الخطف الأخيرة؟ والتهديدات بخطف لبنانيين التي رافقتها؟

يبدو أن الرقم 17000 هو فأل شر! نتحدث عن 17000 مفقود وربما حديثنا نبوءة ستتحقق. المفقود في لبنان هو الدولة.

الخميس، 23 أغسطس 2012

أمانة 14 آذار وتسطيح السياسة!

غريبة الأمانة العامة لقوى 14 آذار. منذ فترة طويلة والمواقف السياسية التي تتخذها تثير فيّ "لعيان نفس". أشعر وكأنها آلة تسجيل قديمة في داخلها كاسيت يعلك ويعلك إلى درجة مقرفة. من يرى علامات الجدية على محيّا "الأمناء" يظن أنهم سينكبّوا خلال اجتماعهم على تشريح المشاكل المحيطة بالوطن وبأنهم، على أقل تقدير، لن "يتساخفوا" في ما سيصدر عنهم.

في آخر بيانات الأمانة العامة الصادر عقب إجتماعها البارحة عرفنا أن "الأمناء" ناقشوا "سائر الموبقات الأمنية". كالعادة دارت الكاسيت ورست سفينة تحليل هؤلاء الجهابذة على أن "هذه الأحداث تندرج ضمن مخطط واضح لتفجير لبنان بالتزامن مع انهيار النظام السوري، وذلك بقرار سوري ـ ايراني، يستخدم أدوات لبنانية كانت ولا تزال تابعة لهذا المحور ورهن تعليماته الأمنية".

لا شك في سوء مقاصد السياستين السورية والإيرانية في إيران. ولكن "علك" الأمور يثير الغثيان، وقصر النظر يثير الغثيان، والخوف من الاعتراض على سياسات أصحاب المال من الدول يثير الغثيان.

من حين إلى آخر ينطق منسق تيار المستقبل في طرابلس مصطفى علوش ببعض الحقائق. ليس مطلوباً من شخص كالنائب السابق علوش، ينتمي إلى تيار سياسي له مصالحه وارتباطاته، تماماً كغيره، أكثر مما يفعله. هذا أكثر من كافي. "تغريداته" خارج سربه لا يجرؤ عليها أحد من السياسيين الذين لا دور لهم سوى الجلوس على كراسي يملكها قادتهم. في حديث إلى برنامج "لعبة الأمم" الذي تعرضه قناة الميادين، قال علوش بالأمس عن أحداث طرابلس: "إن النظام السوري هو من يحرك عادة وليس دائمًا هذه الجبهة لمصالحه الخاصة"، ولكن منسوب وطنيته الذي يبدو أنه كان في حالة مدّ البارحة دفعه إلى القول: "الطرف المعلن هو النظام السوري الذي تقول الأطراف في جبل محــسن انها متحالفة معه، أما في باب التبانة، فهناك أطراف غريبة عجيـبة جزء منـها متحـالف مع سوريا أو حزب الله وجزء آخــر مع السعـودية وقـطر أو مع أطراف في 14 آذار وبالـتالي لا يمــكن أن ترسم خريطة سياســيّة ولا حتى عسكرية لما يحدث الآن".

إيران، سوريا، قطر، السعودية، تركيا وغيرها وغيرها من الدول. لكل منها أجندته السياسية ولبنان يدفع الثمن وقادته مسؤولون لأنهم المنفذون لهذه السياسات على ضريح الوطن.

المؤسف في الأمر أن لا لبنانيين ولا قادة وطنيين بين السياسيين في لبنان. العجز من سمات سياسيي لبنان. الرئيس بري اتهم الرئيس ميقاتي بأنه "لا يريد أن يحكم". رئيس الوزراء اكتفى رداً على بري بالقول: "في فمي ماء". في فم ميقاتي ماء بينما دماء اللبنانيين تسيل على نواصي الشوارع والأزقة!

قيادة الجيش ـ مديرية التوجيه أصدرت البارحة بياناً حول احداث طرابلس. القيادة أشارت إلى أنها "تعلن عن مبادرتها إلى إجراء حوار مباشر مع القيادات الميدانية المسؤولة في المدينة وبخاصة في باب التبانة وجبل محسن، من أجل وأد الفتنة ونزع فتيل التفجير". حتى الجيش تحوّل إلى ساعي بريد بين "الزعران". اللوم لا يقع على الجيش. الجيش في لبنان مضطر إلى ممارسة ضبط الأمن وممارسة السياسة وممارسة الصلحات العشائرية. هذا من نتائج غياب السياسة.

"ما عاد في رجال بهالبلد"، قال لي يوماً رجل سبعيني وأنا الآن أردد قوله.

الأربعاء، 22 أغسطس 2012

لحظة الجنون


"لحظة الجنون" هو التوصيف الذي أطلقه رئيس مجلس النواب اللبناني نبيه بري على المرحلة التي نعيشها. مصيبٌ رئيس مجلس نوابنا في توصيفه. يبدو أنه أطلقه في "لحظة تخلّي". ربما هي عدوى جنبلاطية. قبلها قال بري: "داخل كل منا هناك وحشاً طائفياً، ابتلينا به كما ابتلي به الشرق كله الآن".

الإصابة في التوصيف لا تُعفي من المسؤولية. في حديثة إلى صحيفة السفير (عدد اليوم) يقول بري أن الجيش بات معه "كارت بلانش" لمنع إقفال طريق المطار مرّة أخرى ومهما كان الثمن. لا شك في أنه موقف مسؤول وإيجابي. ولكنه موقف يؤكد أن الجيش لا يستطيع التحرّك من دون إذن سياسي. وإذا سألنا: من ذا الذي يعطي "كارتات بلانش" في منطقة طريق المطار؟ تكون الإجابة أن بري شريك في منح الـ"كارتات"! بسبب الخطر الذي تنذر به "لحظة الجنون" أخرج بري "كارتاً" من جيبه. تأخُّر حركته هو من مسببات الوصول إلى ما وصلنا إليه.

ليس هذا الاستنتاج هادفاً إلى التهجّم على الرئيس برّي. على الأقل هو، على ما يبدو، يتحلى بالقدر الأدنى من الوعي بخطورة المرحلة. بينما غيره يبدو أنه يريد تقطيع المرحلة على طريقة All in، يريد المقامرة مرّة واحدة على حياة اللبنانيين. واللبنانيون، كعادتهم، راضون بلعب دور أوراق "الشدّة" على طاولة السياسيين.

آل المقداد خرجوا علينا بـ"خبرية" الجناح العسكري. اللبنانيون صدّقوا ولم يسألوا كيف أن جناح المقداد العسكري قام بعمليات أمنية تفترض وجود "جناح أمني" للعائلة. "الجناح الأمني" بقي مجهولاً. أليس ما حدث مقامرة بذيئة بحياة اللبنانيين.

سلفيو طرابلس قرروا الردّ فطلعوا علينا بقصة العمل على تشكيل "المجلس العسكري للسنّة". ما عاد فيهن يتحملوا المؤيدين لـ8 آذار بالفيحاء. بذاءة أخرى وشكل آخر من أشكال المقامرة بحياة اللبنايين.

بات اللبناني محاطاً بمجالس عسكرية. ماذا بعد؟ بكرا كل شلة زعران بتقرر تشكل جناح عسكري للشلة. بهدف دعم المقاومة، بهدف ردع الجماعات المسلحة السورية، بهدف حماية الطائفة السنية، بهدف الاستضافة، بهدف النشل، بهدف أكل الـ...، تبقى النتيجة واحدة: الأمن الشخصي للمقيمين على أرض لبنان مهدّد.

سؤال بريء: هل من الممكن تشكيل جبهة من المتضررين؟ والجواب: إي ولأ. بتتذكروا تعبير "لعم" الذي يدمج لا بنعم؟ التعبير لبرّي أيضاً.

الخميس، 16 أغسطس 2012

اشتقناك... وين هالغيبة


للأسف، يوماً بعد يوم تظهر الوقائع بأننا، كلبنانيين، نتخذ تسميتنا (اللبنانيون) لأسباب جغرافية فقط. لسنا لبنانيين لأننا ننتمي إلى دولة اسمها لبنان، فهذه الدولة غير موجودة. نحن لبنانيون فقط بحكم الجغرافيا، بحكم الضرورة. مؤلم هذا الواقع. أحياناً نحاول إيهام أنفسنا بأننا نعيش في دولة ودولة ديمقراطية ولكن الوقائع لا تلبث أن تزيل أوهامنا وتردنا إلى مأساة واقعنا.

الشيخ أحمد الأسير بيفتح عا حسابو استراحة في منتصف طريق صيدا. ما حدا بيقدر يردّو. طيّب يمكن هوّي حرّ وبدّو يأمّن لحالو مساحة آمنة بيقدر يلعب فيها بالبيسيكلات بلا ما تهرسوا شي سيارة. يمكن معو حق. ما نحنا بنعرف كيف الناس آخذة دفاتر سواقة. بالزعبرة. وما بيعرفوا يسوقوا. هلّق يللي جايين من الجنوب يدبروا راسن وتجار صيدا يدبروا راسن. ما نحنا بدولة ديمقراطية تكفل حق التظاهر. ما لازم ننسى.

الشيخ أحمد عبد الواحد والشيخ محمد حسن مرعب قررا أن لا يتوقفا على حاجز الجيش اللبناني. ما تفَهّموهُن عناصر الحاجز. كانوا الشخين مستعجلين. أطلقوا عليهم النار. مش لازم كتير نجمّع معطيات حول شو صار. مثلاً شو أهمية هالتفصيل يللي بيأكد إنو تمّ أطلاق النار من موكب الشيخ على الحاجز! استدعي المسؤولون عن الحاجز وجرى التحقيق معهم وتلفلفت القصة على حساب هيبة الجيش. يمكن هيك كان لازم يصير. ما نحنا بدولة ديمقراطية تكفل حرية الحركة والتنقل.

والآن آل المقداد قرروا خطف بعض السوريين في لبنان. هنا الحق عشائري. شو نسينا شريعة حمورابي، أم الشرائع، يللي بتقول العين بالعين والسن بالسن! ونسينا المثل الشعبي يللي بيضيف على هالشي "والبادي أظلم". الجيش السوري الحر هوّي البادي، يعني هوّي الأظلم. معاليه، وزير الخارجية عدنان منصور يبدو أنه يفهم في المفاهيم العشائرية. قام بزيارة آل المقداد للوقوف على رأيهم. شغلة إيجابية. وزيرنا طلع بيفهم بعادات العشائر. أثبت الوزير منصور أهليته في وجه من كان يتهمه بأن معرفته ضعيفة في أمور كالديبلوماسية والعلاقات الخارجية. وزير الداخلية، على ذمة النائب أحمد فتفت، قال أن القوى الأمنية لا تستطيع فعل شيء لأنه لا دولة في لبنان. حلو كتير.

في لبنان تضعف الدولة عندما تقوى الطوائف ومؤسسات الطوائف. الآن قوة الطوائف ومؤسساتها في إحدى ذرواتها. نحن الذين نريد الدولة ولا نقبل إعتبار أنفسنا إلا مواطنين ندفع الثمن في حياتنا اليومية.

يمكننا القول متوجهين للدولة: اشتقنالك وين هالغيبة مع أننا في الحقيقة لم نشتق إليها. لماذا؟ لأننا لا نعرفها. نسمع عنها بالتواتر.

الأربعاء، 15 أغسطس 2012

السبق الصحافي الخبيث


وأخيراً حظيت قناة الميادين الفضائية بسبق صحافي. طال الانتظار ولكن السبق الصحافي قدّمه للقناة آل المقداد، إحدى كبرى العائلات اللبنانية. في الحقيقة كنت أنتظر أن تقدّم هذه القناة الكريمة أكثر بكثير مما تقدّمه، إن على سبيل المعلومات أو على سبيل الموضوعية، ولكن: ما كلّ ما يتمنّى المرء يدركه.

سبقت قنوات تلفزيونية أخرى قناة الميادين بالاحتفال بسبق صحافي على معاناة الأبرياء، وقدّمت لنا نجماً دونكيشوتياً هو أبو ابراهيم "الخاطف الرحيم" المضياف. الآن تقدّم لنا الميادين نجوم من آل المقداد.

ومن جديد، هناك أشخاص يقومون بـ"الخطف الاضطراري". يتزايد الضيوف والمضيافون الجدد هم آل المقداد. آل المقداد وعدونا بشريط مصوّر يعرض صور "عناصر الجيش السوري الحر" المختطفين رداً على خطف حسان المقداد. ما لم نكن نتوقع أن هذا الفيديو ستصوره كاميرا قناة الميادين بحضور مراسل من الميادين لا يفقه كيفية طرح الأسئلة في المقابلات المصوّرة، ولا يقوم بشيء سوى "هزّ راسو" و"مدّ الميكروفون"!

الميادين تبدو غير قادرة على تحقيق سبق صحافي رغم كثرة الكلام السابق على إطلاقها. السبق الصحافي هو من يأتي إليها. يبدو أن "اليد الخفية" تساعدها على أداء وظيفتها الإعلامية. عرضت الميادين من قبل عملية الأسر التي نفذها حزب الله عام 2006 بعد أن صارت "بايتة"!

الإعلام جنّ، هزل...

ماذا بعد في الميادين: بعد عرض شريط الفيديو عرفت المذيعة كيف تلعب دور الصحافية الـ"شاطرة" عندما كانت تتكلم مع المستشار السياسي للجيش السوري الحرّ، بسام الدادا. "زركته" بأسئلتها. ولكنها تحولت إلى "صمّاء بكماء" أمام جميل السيد ورفيق نصر الله!!!