غريبة الأمانة العامة
لقوى 14 آذار. منذ فترة طويلة والمواقف السياسية التي تتخذها تثير فيّ "لعيان
نفس". أشعر وكأنها آلة تسجيل قديمة في داخلها كاسيت يعلك ويعلك إلى درجة
مقرفة. من يرى علامات الجدية على محيّا "الأمناء" يظن أنهم سينكبّوا
خلال اجتماعهم على تشريح المشاكل المحيطة بالوطن وبأنهم، على أقل تقدير، لن
"يتساخفوا" في ما سيصدر عنهم.
في آخر بيانات
الأمانة العامة الصادر عقب إجتماعها البارحة عرفنا أن "الأمناء" ناقشوا "سائر
الموبقات الأمنية". كالعادة دارت الكاسيت ورست سفينة تحليل هؤلاء الجهابذة على
أن "هذه الأحداث تندرج ضمن مخطط واضح لتفجير لبنان بالتزامن مع انهيار النظام
السوري، وذلك بقرار سوري ـ ايراني، يستخدم أدوات لبنانية كانت ولا تزال تابعة لهذا
المحور ورهن تعليماته الأمنية".
لا شك في سوء مقاصد
السياستين السورية والإيرانية في إيران. ولكن "علك" الأمور يثير
الغثيان، وقصر النظر يثير الغثيان، والخوف من الاعتراض على سياسات أصحاب المال من
الدول يثير الغثيان.
من حين إلى آخر ينطق
منسق تيار المستقبل في طرابلس مصطفى علوش ببعض الحقائق. ليس مطلوباً من شخص
كالنائب السابق علوش، ينتمي إلى تيار سياسي له مصالحه وارتباطاته، تماماً كغيره، أكثر
مما يفعله. هذا أكثر من كافي. "تغريداته" خارج سربه لا يجرؤ عليها أحد
من السياسيين الذين لا دور لهم سوى الجلوس على كراسي يملكها قادتهم. في حديث إلى برنامج
"لعبة الأمم" الذي تعرضه قناة الميادين، قال علوش بالأمس عن أحداث
طرابلس: "إن النظام السوري هو من يحرك عادة وليس دائمًا هذه الجبهة لمصالحه
الخاصة"، ولكن منسوب وطنيته الذي يبدو أنه كان في حالة مدّ البارحة دفعه إلى
القول: "الطرف المعلن هو النظام السوري الذي تقول الأطراف في جبل محــسن انها
متحالفة معه، أما في باب التبانة، فهناك أطراف غريبة عجيـبة جزء منـها متحـالف مع
سوريا أو حزب الله وجزء آخــر مع السعـودية وقـطر أو مع أطراف في 14 آذار
وبالـتالي لا يمــكن أن ترسم خريطة سياســيّة ولا حتى عسكرية لما يحدث الآن".
إيران، سوريا، قطر،
السعودية، تركيا وغيرها وغيرها من الدول. لكل منها أجندته السياسية ولبنان يدفع
الثمن وقادته مسؤولون لأنهم المنفذون لهذه السياسات على ضريح الوطن.
المؤسف في الأمر أن
لا لبنانيين ولا قادة وطنيين بين السياسيين في لبنان. العجز من سمات سياسيي لبنان.
الرئيس بري اتهم الرئيس ميقاتي بأنه "لا يريد أن يحكم". رئيس الوزراء
اكتفى رداً على بري بالقول: "في فمي ماء". في فم ميقاتي ماء بينما دماء اللبنانيين تسيل على
نواصي الشوارع والأزقة!
قيادة الجيش ـ مديرية
التوجيه أصدرت البارحة بياناً حول احداث طرابلس. القيادة أشارت إلى أنها "تعلن عن
مبادرتها إلى إجراء حوار مباشر مع القيادات الميدانية المسؤولة في المدينة وبخاصة
في باب التبانة وجبل محسن، من أجل وأد الفتنة ونزع فتيل التفجير". حتى الجيش
تحوّل إلى ساعي بريد بين "الزعران". اللوم لا يقع على الجيش. الجيش في
لبنان مضطر إلى ممارسة ضبط الأمن وممارسة السياسة وممارسة الصلحات العشائرية. هذا
من نتائج غياب السياسة.
"ما
عاد في رجال بهالبلد"، قال لي يوماً رجل سبعيني وأنا الآن أردد قوله.
ليست هناك تعليقات :
إرسال تعليق