صورة المدونة

صورة المدونة

الأربعاء، 13 فبراير 2013

يللي قادر عأكتر يلّا



"بدّي اتجوز مدني ببلدي". عنوان اللقاء الحواري يدلّ على مضمونه، وأيضاً يدلّ على خلفية المجتمعين الثلاثاء في قاعة عصام فارس في الجامعة الأميركية في بيروت للمشاركة في محادثة حول الحق في عقد زواج مدني على الأراضي اللبنانية.
 
الشيخ محمد النقري، القاضي المنفرد في المحكمة الشرعية السنّية في بيروت، اعتذر عن عدم المشاركة في اللحظة الأخيرة. غيابه أخلى المنصة لمتحدثين يتشاركون، تقريباً، وجهات النظر ذاتها. كلّ منهم، رغم خلفياتهم المتعددة، يؤيّد، وإن على طريقته، فكرة الزواج المدني في لبنان.


"القرار الصادر عن الهيئة العليا للاستشارات في وزارة العدل هو نتيجة لعمل دؤوب على نقطة وجدناها في النظام اللبناني المتناقض ووضعنا بها حسناته في مواجهة سيئاته"، قال رئيس المركز المدني للمبادرة الوطنية طلال الحسيني.
 
 "الله لن يقول للمتزوجين يوم الدينونة: أروني عقد زواجكما ومَن كلّلكما بل سيسألهما فقط: هل أحببتما أحدكما الآخر كما أنا أحببتكما؟". قنبلة رماها الأب جورج مسوح.
 
 15 مليون دولار تكسبها المؤسسات الدينية،سنوياً، كبدل عن معاملات الطلاق والزواج وتضاف إليها 18 مليون دولار هي الميزانية التي تمنحها الدولة للهيئات الدينية المعنية بشؤون الأحوال الشخصية، أرقام أخرجها من جعبته جاد شعبان، المحاضر في الاقتصاد في الجامعة الأميركية.
 
في اللقاء الذي دعت إليه الجمعية الاقتصادية اللبنانية، نادي حقوق الإنسان والسلام ومجموعة "حدا منّا"، كان الجميع ينتظر حديث الحسيني عن آخر المستجدات القانونية في مسألة تسجيل زواج الشابين نضال درويش وخلود سكّرية. لم يبخل عليهم. لخّص القرار الصادر عن الهيئة العليا للإستشارات بأربعة نقاط: من حق اللبناني الذي لا ينتمي إدارياً إلى طائفه أن يتزوج مدنياً في لبنان؛ كاتب العدل هو المرجع المختص لعقد هكذا زواج؛ للزوجين حرية تعيين القانون المدني الذي يريدان رعاية آثار زواجهما بموجبه؛ ليس هناك أي مانع من تسجيل عقد خلود ونضال في سجلات النفوس. الحسيني أوضح أن "وزارة الداخلية مهمتها التوثيق لا إنشاء الحق". ما فاته في مداخلته المقتضبة عوّض عنه في إسهابه رداً على أسئلة الحضور. "النظام الطائفي اللبناني الطائفي هو مجرّد أنقاض في الوقت الحاضر. نتظاهر بأننا في نظام دستوري ولكن لا. نحن في نظام يتأسس على موازين القوى بين الطوائف"، كان أبرز ما أضافه على كلامه القانوني. هذا إلى دعوته إلى "تأليف الشعب انطلاقاً من حرية الإختيار وتخيير الناس في أن يكونوا مواطنين أو أبناء طوائف"، رداً على دعوة شاب متحمس إلى ضرورة إقرار إلزامية الزواج المدني.
 
الأب مسّوح، المتحدث الذي صفّق له الحضور بقوة، طالب بتشريع الزواج المدني "كي يتوقّف تأجير الكنائس للعرسان وتحويلها من مكان للعبادة إلى مكان للعريّ". مسّوح استطرد موضحاً أنه ليس ضد العريّ ولكن لا يجب تحويل أمكنة العبادة إلى صالات لاحتفالات دنيوية". الأب الأرثوذكسي ذكّر بأن الكنيسة في القرون السبعة الأولى من عمرها لم تكن تعتبر الزواج سرّاً وكان المسيحيون يتزوجون مدنياً وكان مقبولاً الزواج من الوثنيين. مدير مركز الدراسات المسيحية الإسلامية في جامعة البلمند اعتبر أن "الزواج ليس سوى تعاهد حبيبين علناً على تأسيس حياة مشتركة"، وأضاف أن "الحرية هي ما يميّز الإنسان عن باقي االمخلوقات وحرمانه من حريته ما هي إلا محاولة لردّه إلى البهيمية". ممثل رجال الدين الوحيد في الحوار أعرب عن تأييده فكرة الزواج المدني الإلزامي لكل اللبنانيين ودينياً اختيارياً لمن أراد وذلك كي تستعيد الدولة ما خسرته من سيادتها و"لكي لا نبقى قبائل". وختاماً، لم ينس التذكير بأنه يمثل موقف الكنيسة الأرثوذكسية لا الكاثوليكية 
.
نجم مداخلة شعبان كانت الأرقام التي عرضها. متوسط كلفة الزواج الإسلامي هو 200 دولار. في بيروت، يدفع المسيحيون حوالى 2500 دولار كبدل إيجار للكنيسة وتصل الأرقام إلى 10 آلاف دولار في بعض الكنائس. كمتوسط، على مستوى لبنان، يدفع المسيحيون 300 دولار. عقد الزواج المدني في لبنان سيوفر على كل ثنائي يقرر الزواج مدنياً 1400 دولار.
 
على المنصة كان هناك متحدث رابع هو مارك ضو، الناشط في حملة "حدا منّا". كلامه أتى عاماً وختمه بخلاصة لخبرته في النضال والتي أوصلته إلى أن الزواج المدني ينقذ الجيل الشاب الذي ولد بعد انتهاء الحرب الأهلية والذي نشأ بعيداً عن هواجس الحرب وخاصةً خاصةً أن هذا الجيل فعال كونه ناشطاً على "تويتر". نضال وخلود جلسا إلى جانب المتحدثين كعضوي شرف.
 
إلى ختام مشاركاته ترك طلال الحسيني توضيحه بأن شاطبي طائفتهم من سجلات النفوس يعتبرون "غير منتمين إدارياً إلى طائفة ما" وهم غير "طوائف الحق العادي" (الطائفة 19) التي تحدث عنها القرار 60 ل.ر على عكس ما فهمته هيئة التشريع والاستشارات التي أدلت سابقاً برأي "فاسد" قانونياً. "سأردّ على مقولة: هلقد ما بيكفي"، قال الحسيني، وأجاب: "يللي قادر عأكتر يلّا"، فاتحاً يديه مع ابتسامة لا تخلو من علامات التحدي.


مقالة منشورة في جريدة المدن الالكترونية في 13/02/2013
www.almodon.com

ليست هناك تعليقات :