"انتهى عصر الجهل بالسياسة وبدأ عصر المعرفة بالسياسة. انتهى
عصر القدامى وبدأ عصر الجدد. انطلقت قافلة الجدد ولن تتوقف". هكذا ختم
"تحالف المرشحين/ات الجدد" بيانهم السياسي الذي أعلن عن انطلاق
"تحالف انتخابي وسياسي جديد في البلاد"، وذلك في مؤتمر صحافي عقد في
نادي الصحافة.
كالعادة في كل مؤتمر صحافي، اصطف بعض
الأشخاص للنطق بالرسالة المراد توجيهها. اعتلى المنصة أربعة أشخاص:
"الجدد" المرشحون للانتخابات النيابية نادين موسى وحكمت البعيني ورندى
يسير و"الجديد" غير المرشح جيلبير ضومط.
في الصفوف الأمامية للقاعة الصغيرة
جلس باقي "الجدد". وكالعادة تأخروا عن موعد الدعوة. انبرى ضومط لتبرير
التأخير. "الجدد منظمون أكثر من القدامى"، قال ضاحكاً وأردف:
"بسيطة، بعض التشريعات تأخر في أدراج مجلس النواب حوالى 12 سنة".
تقاسم المتحدثون تلاوة البيان
السياسي. أعلنوا انطلاق تحالف "يضم أكثر من خمسين مرشحاً مستقلاً قرروا خوض
الانتخابات النيابية المقبلة بعيداً من... لوائح الزعامات التقليدية وائتلافات
الأحزاب الطائفية".
في الحقيقة، المرشحون أقل من 50. هذا
ما تبيّن من تلاوة أسمائهم في ختام المؤتمر. وأيضاً، بعض المرشحين لم يتقدموا
بترشيحاتهم بعد. ولكن أخبرونا بأن "أعداد المرشحين/ات الجدد تتزايد يوماً بعد
يوم لتشكل ظاهرة تاريخية لم يشهدها لبنان من قبل. إنهم الجدد القادمون من كل
الطوائف والمناطق لتغيير قواعد اللعبة".
أعطوا أنفسهم أملاً. قرأوا في تحالفهم
الذي وصفوه بأنه "حدث فريد من نوعه" وجود "دلالات وطنية تؤكد على
أن هناك بديلاً جدياً قادراً على التغيير". انتقدوا عمليات تمديد وتعليق
المهل القانونية معتبرين أنها "بمثابة انقلاب على النظام الديموقراطي في البلاد وتحوير من قبل
مجلس النواب سلطة التشريع للمصلحة العامة إلى سلطة يستفيدون منها لمصالحهم الشخصية".
شحنوا خطابهم بقيم وطنية فرفضوا
"رفضاً قاطعاً تمويل حملاتهم الإنتخابية بأموال غير لبنانية". وبالرغم
من أنهم ليسوا سوى مرشحين رفضوا "اللجوء إلى السفارات والحكومات العربية والأجنبية لضمان
استمرارهم في المجلس النيابي".
فكرة التحالف خرجت من رحم اجتماعات
يعقدها منذ مدّة بعض الجمعيات والشخصيات المستقلة. المشترك بينهم هو مطالبتهم
بضرورة تغيير النظام الطائفي في لبنان واستبداله بدولة مدنية. لا يتخذ التحالف شكل
اللائحة العابرة للمناطق والطوائف. الانقسامات بين أعضائه لا يمكن أن تسمح
بالاتفاق على مشروع سياسي مفصّل يتجاوز العموميات.
لذلك أعلنوا أن تحالفهم "يحفظ
لكل مرشح أو مرشحة الحق في الترشح عن برنامج سياسي خاص شرط الالتزام بعدم الإنضمام
إلى لوائح انتخابية وتحالفات سياسية تتعارض مع مبادئ التحالف وأهدافه أو العمل على
تقويض المسلمات التي تعهّد بها أعضاء هذا التحالف". ودعوا اللبنانيين إلى
الإنضمام إليهم كداعمين أو كمرشحين.
بعض "مسلّمات" التحالف شديد
العمومية. يتحدثون عن فشل النظام الطائفي في تأمين وتوفير حقوق المواطن
"الطبيعية". ويطالبون بدولة مدنية ويُجمعون على مكافحة الفساد وتأمين
المساواة الكاملة بين الرجل والمرأة ويتعهّدون بتأمين العدالة الاقتصادية والاجتماعية
والبيئية للجميع.
بعض "المسلّمات" الآخر أقل
عمومية كمناداتهم بقانون انتخابات عادل ونسبي وخارج القيد الطائفي وبإقرار قانون
حماية المرأة من العنف الأسري ومنحها حق إعطاء الجنسية لأولادها وبتأمين التغطية
الصحية الشاملة واسترداد الأملاك العامة وبتوفير حقوق العمال الأجانب وحقوق
اللاجئين.
يقدّم التحالف نفسه على أنه
"تحالف انتخابي وسياسي يضم بالإضافة إلى المرشحين/ات أنفسهم، مجموعة من
اللجان المتخصصة في قضايا الشأن العام وخبراء في مجال السياسة والقانون والاقتصاد
والبيئة".
في نهاية المؤتمر الصحافي حضر المحامي
ماجد فياض. تحدث مع بعض أعضاء التحالف في مسألة تمديد وتعليق المهل القانونية
الواردة في قانون الانتخابات.
فياض قدم ترشيحه للإنتخابات النيابية
قبل العاشر من نيسان. برأيه يجب إعلان فوز كل مرشح عن مقعد لم يترشح عنه أكثر من
شخص. هو الآن بصدد إعداد ملف قانوني للمطالبة بهذا الحق. دعا كل من ترشح قبل هذا
التاريخ إلى الإنضمام لخطوته. "أنا معك دخيلك ما تنساني"، قالت له إحدى
المرشحات. "هناك خلاف في التحالف حول هذه النقطة فهي ستقسّم الأعضاء بين
مستفيد وغير مستفيد"، شرح آخر.
فكرة التحالف هي فكرة مهمّة. هي مؤشر
على تحوّل في فهم ناشطي المجتمع المدني لدورهم من مجرد أشخاص يؤدّون خدمات لوجستية
إلى أشخاص يجب أن يشاركوا في الحياة السياسية. ولكن هذا التطوّر يجب ألا يبتعد عن
الواقعية وألا يشط في فهم تركيبة المجتمع اللبناني.
فكلام من مثل أن "عصر اللوائح المعلبة والزعامات الفردية قد ولّى" يدلّ على سوء فهم لحدود الممكن. في إجابته على أحد الأسئلة، قال البعيني: "كل مرشّح منّا يحب أبناء طائفته ولكن سنترشح عن المقعد اللبناني". ابتسم أحد الأشخاص هامساً: "لا وجود لهكذا مقعد".
نشر في www.almodon.com في 15/4/2013
ليست هناك تعليقات :
إرسال تعليق